لا يمكن مطلقا وصفها بالخطوة الهيّنة بل على العكس تماما، فانضمام فلسطين رسميا إلى محكمة الجنايات الدولية هو إنجاز هام نحو تدويل القضية الفلسطينية، وإلزام إسرائيل بالانصياع للقوانين الدولية ولو بالحد الأدنى، بالرغم من أنّ التّاريخ ومجرياته أثبتت دوما بأنّ الكيان الصّهيوني ظلّ فوق القانون والشّرعية يدوس عليهما بغطرسته وتعسّفه، مدعوما في ذلك بالمتحكّمين في تسيير دواليب العالم ومؤسّساته الدولية، وفي مقدّمتهم الولايات المتّحدة الأمركية التي لم تتردّد يوميا في سدّ منافذ الشّرعية أمام الفلسطينيّين بإشهارها “الفيتو” لتجنيب إسرائيل أيّ محاسبة أو عقاب.
الانضمام الرّسمي للدولة الفلسطينية في الفاتح أفريل إلى الجنائية الدولية، سيمكّن الفلسطينيّين من تعرية إسرائيل وجرّ سفّاحيها إلى القضاء.
ويبقى أن تؤدّي هذه المحكمة دورها بنزاهة أو تتواطأ مع المتواطئين لتعكس مواقع الجاني والضحية، فذلك أمر لا يجب أن يقف عنده الفلسطينيون كثيرا أو أن يثبّط عزيمتهم، بل على العكس تماما، فعرض جرائم إسرائيل تحت الأضواء الكاشفة للقضاء الدولي وحده يكفي لإزعاجها وفضحها، وكسب مزيد من التّأييد الدولي، وهو الذي نراه من خلال الاعتراف المتزايد بالدولة الفلسطينية داخل السّاحة الأوروبية التي كانت ذات يوم قاعدة تأسيس وإسناد ودعم للكيان الصّهيوني.
يبقى فقط التّأكيد بأنّ النّجاحات التي حقّقتها القضية الفلسطينية على المستوى الخارجي، لا يمكن أن تعطي ثمارها ما لم يتم رأب الصّدع الداخلي وإنجاز المصالحة الوطنية، وتشكيل حكومة الوفاق وتجاوز الخلافات العقيمة، ففي وحدة الصف قوة ومصداقية، وفي الفرقة ضعف وانشغال عن القضية الأمّ، التي قد تتيه بين التباينات السياسية والايديولوجية والمصلحية.